من المُقرَّر عند متأخِّري الشافعية أن مُعْتَمَدَ المذهب هو ما اتفق عليه الشيخان، وهما: الرَّافعي والنووي رحمهما الله تعالى، فإنِ اختلفا فالمُعْتَمَدُ ما قاله النوويُّ رحمه الله تعالى.
ويعتبر كتاب «منهاج الطالبين وعمدة المفتين» من أجلِّ مصنفات الإمام النووي رحمه الله تعالى، ومـن أحسَن الكتب الفقهية في المذهب، هو الذي عليه الفتوى.
وقد حَظِي الكتابُ باهتمام العلماء، والفقهاء، وطلَّاب العِلـم، حفظًا، وتصنيفًا، وشرحـًا، واختصـارًا، وتحْشِيَةً، ونظمًا، وغير ذلـك من أوجه العناية العلمية بالكتاب.
وكان من أوجه العناية به إفراد عددٍ من العلماء خطبة الكتاب بالشرح؛ ذلك لِمَا ذكر فيها الإمام النووي رحمه الله تعالى من حدودٍ وقيودٍ واصطلاحاتٍ بنى عليها شرحه، فكان الجهل بها مانعًا من فهم مراتب الأقوال داخل المذهب.
وكان من جملة هؤلاء المعتنين العلَّامة عز الدِّين ابن جماعة رحمه الله تعالى، المتوفى سنة (819هـ)، فوضع شرحًا متوسطًا على هذه الخُطبة.
ثم جاء من بعده العلَّامة ابن قاسمٍ العبَّادي رحمه الله تعالى، المتوفى سنىة (994هـ) فوضع حاشيةً على هذا الشرح مُبيِّنًا بعض ما استغلق من عبارات ابن جماعة؛ مما زاد من فائدة الشرح.